التأطير الإشكالي:
تمكنت كل من فرنسا وإسبانيا من فرض حمايتهما
على المغرب بعد سلسلة من المؤتمرات مع الدول الأوربية وأرست الدولتان أجهزة إدارية
لتسهيل استغلالها للملكة الشريفة فأثر ذلك على أوضاع السكان ودفعهم إلى رفض
الاستعمار ومقاومته مقاومة عنيفة
×
فما السياق التاريخي لفرض الحماية الفرنسية على المغرب؟
×
ما الأسس والأجهزة التي ارتكز عليها هذا النظام؟
×
ما رد فعل المغاربة اتجاه نظام الحماية ؟
×
ما العوامل المفسرة لتوقف المقاومة المسلحة بالمغرب؟
المقطع
الأول: السياق التاريخي لفرض الحماية على المغرب:
النشاط
الأول: السياق الدولي لفرض نظام الحماية على المغرب:
تمثل في الاتفاقيات التي عقدتها فرنسا مع الدول الأوربية
المنافسة لها على المغرب في بداية القرن 20 م وهكذا اعترفت سنة 1902 بحقوق إيطاليا
في ليبيا مقابل اعتراف إيطاليا بمصالح فرنسا في المغرب كما عقدت الاتفاق الودي مع
ابريطانيا سنة 1904 تم بموجبه إطلاق يد ابريطانيا في مصر مقابل حرية تصرف فرنسا في
المغرب.
ساهمت تلك الاتفاقيات في تأجج الصراع بين فرنسا وألمانيا
حول المغرب حيث قام الإمبراطور الألماني "غليوم الثاني" بزيارة رسمية
إلى طنجة سنة 1905 أكد فيها عزم بلاده على حماية مصالحها بالمغرب وهكذا اضطرت
الدول الأوربية إلى عقد مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906 الذي شكل بداية لاحتلال المغرب حيث احتلت فرنسا مدينتي وجدة
والدار البيضاء سنة 1907 فاضطر المغاربة بيعة السلطان مولاي عبد الحفيظ سنة 1908
ورغم ذلك فقد توغلت اسبانيا شمال المغرب
ابتداء من سنة 1909
وفي سنة 1911 اندلعت أزمة أخرى بين فرنسا وألمانيا حول
المغرب بعد إرسال ألمانيا لبارجة حربية إلى أكادير كادت أن تؤدي إلى مواجهة عسكرية
بين الطرفين لولا تنازل فرنسا لألمانيا عن مناطق نفوذها في حوض الكونغو
ïوهكذا تمكنت فرنسا من
الإنفراد بالمغرب وسارعت إلى فرض نظام الحماية عليه يوم 30 مارس سنة 1912 وهو ما
أدى إلى اندلاع انتفاضات عارمة في أبريل واجهتها السلطات الفرنسية بالقمع (أيام
فاس الدامية)
النشاط الثاني: الظروف
الداخلية
تميزت الظروف الداخلية للمغرب في عهد السلطانين
مولاي عبد العزيز ومولاي عبد الحفيظ بتأزم الأوضاع السياسية والاقتصادية
والاجتماعية:
النشاط الثالث: بنود عقد الحماية:
في يوم 30 مارس 1912
وقع السلطان مولاي عبد الحفيظ معاهدة الحماية مع فرنسا نصت على تأسيس نظام جديد
بالمغرب مشتمل على إصلاحات سياسية وديبلوماسية واقتصادية.
×
دبلوماسيا وسياسيا: نصت معاهدة الحماية على تعيين مقيم
عام بالمغرب يتمتع بجميع السلطات في ولا تصبح القوانين التي يوافق عليها السلطان
سارية المفعول إلا بعد أن يوافق عليها كما نصت أيضا على انفراد فرنسا في المفاوضات
مع إسبانيا حول مصالح هذه الأخيرة في المغرب والتزام نواب فرنسا بحماية مصالح
المغرب بالخارج
×
اقتصاديا: نصت هذه المعاهدة على وضع تنظيم مالي يسمح
بضمان التزامات الخزينة وجباية مداخيل المملكة بانتظام كما تعهد السلطان بأن لا
يعقد في المستقبل أي قرض أو يمنح أي امتياز من غير موافقة فرنسا.
المقطع الثاني: الأسس والأجهزة
التي ارتكز عليها نظام الحماية:
النشاط
الأول: الأجهزة السياسية والإدارية بالمغرب في منطقة النفوذ الفرنسي:
أحدثت فرنسا عدة أجهزة لترسيخ سلطتها على
المغرب وقسمت البنية الإدارية في المملكة الشريفة خلال فترة حمايتها على البلاد
إلى إدارة استعمارية وإدارة مخزنية :
v
الإدارة الاستعمارية:و يترأسها المقيم العام ومن أهم
الإدارات التي استحدثت في هذا المستوى نجد:
×
الإدارة المركزية: وتوجد تحت سلطتها عدة مصالح من أهمها
الكتابة العامة التي تهتم بتسيير عدة مصالح
×
الإدارة الجهوية: من أهم المناصب التي استحدثت في هذا
المستوى نجد المجلس الاستشاري الجهوي وقائد المنطقة الذي أسندت له مهمة رئاسة
المناطق العسكرية (فاس مكناس مراكش ) والمدنية ( الدار البيضاء وجدة الرباط )
×
الإدارة المحلية: تتكون من :
·
بشوات في المدن تحت مراقبة رؤساء المصالح البلدية وإلى
جانبه المجلس البلدي
·
قواد في البوادي تحت مراقبة ضباط الشؤون الأهلية وإلى
جانبه المجلس القروي.
v
الإدارة المخزنية:و يوجد على رأسها السلطان الذي يمثل
السلطة الدينية والسياسية وتوجد تحت مهامه المصالح التالية: الصدر الأعظم الديوان
والقصر وزارة العدل وزارة الأحباس.
النشاط
الثاني: السياق التاريخي لمؤامرة تقسيم المغرب إلى منطقتي النفوذ الاستعماري
الفرنسي والاسباني.
وقعت كل من فرنسا وإسبانيا مع بداية القرن 20
اتفاقيات سرية بهدف تحديد مناطق نفوذ كل منهما في المغرب ومن أهم هذه الاتفاقيات
نجد اتفاق أكتوبر 1904 و اتفاق نونبر 1912 م وتم بموجبهما تقسيم المغرب إلى مناطق
للنفوذ هي المنطقتان الخاضعتان للنفوذ الإسباني في الشمال والجنوب والمنطقة
التابعة للحماية الفرنسية في الوسط كما انفردت فرنسا بامتيازات مهمة بالمغرب من
أهمها:
?
امتياز الدولة الحامية بالنسبة لمجموع
التراب الوطني
?
التزام إسبانيا باستشارة فرنسا في الإجراءات
التي يمكن أن تقوم بها في القسم الشمالي.
النشاط
الثالث: الأجهزة السياسية والإدارية في منطقة النفوذ الإسباني والنظام الدولي
الخاص بمدينة طنجة:
أ) منطقة
النفوذ الإسباني:
قٌسِّمَتْ
الإدارة الاستعمارية في منطقة النفوذ الإسباني هي الأخرى إلى إدارة استعمارية
وإدارة مخزنية:
v
الإدارة الاستعمارية: ويترأسها المندوب السامي الإسباني بتطوان
وتتكون من:
×
إدارة مركزية: توجد تحت مهامها عدة مندوبيات
منها مندوبية الأشغال العمومية والمالية ومندوبية الأمور الأهلية ومندوبية الغابات
وتربية الماشية
×
إدارة جهوية: يترأسها مراقب جهوي توجد تحت
مهامه المصالح الإدارية والتقنية والعسكرية
×
إدارة محلية: يترأسها مراقب محلي يمثله باشا
في المدينة وقائد في القرية
v
الإدارة المخزنية: ويترأسها خليفة السلطان
لذلك تعرف هذه المنطقة بالمنطقة الخليفية وتجد تحت مهامه على مستوى الإدارة
المركزية الصدر الأعظم ووزارة المالية والعدل والأحباس وعلى مستوى الإدارة الجهوية
قاضي الناحية وأخيرا على مستوى الإدارة المحلية قاضي المدينة وقاضي القرية.
ب) منطقة
طنجة الدولية:
إلى جانب منطقة النفوذ الفرنسي في الوسط والإسباني
في الشمال والجنوب تم الاتفاق بموجب مؤتمر باريس سنة 1923 على منح طنجة نظاما
دوليا وتم ذلك بتفويض عام من السلطان ويقوم تنفيذ هذا النظام على أساس الأجهزة
الإدارية التالية:
¯ إدارة مخزنية: يترأسها مندوب السلطان
¯ إدارة دولية: تتألف من مجلس تشريعي ذو سلطة تشريعية
وتنظيمية ولجنة مراقبة مكونة من قناصل الدول الموقعة على ميثاق الجزيرة الخضراء
وسلطة تنفيذية يمثلها حاكم المدينة.
النشاط الرابع
: تحول نظام الحماية من نظام للمراقبة إلى نظام للحكم المباشر:
في مفهومه الشامل فنظام الحماية نظام
يتم على أساس احتفاظ البلد المُسْتَعْمَر بسيادته ونظام حكمه السائد وإلى جانبه إدارة استعمارية مراقبة له يترأسها
المقيم العام غير أن الإدارة الاستعمارية غالبا ما تنزع السلطات الأساسية من يد
الإدارة المحلية فيصبح حكمها صوريا وهو ما حدث تماما بالمغرب خاصة بعد إعفاء ليوطي
من مهامه سنة 1925 حيث أخذ نظام الحماية يتحول تدريجيا نحو الإدارة المباشرة وأصبحت
الحكومة الشريفة تتلقى الأوامر من المقيم العام لاتخاذ القرارات التي يرغب فيها
ويوقع عليها السلطان بل كثيرا ما كانت الإقامة العامة تتجاوز المخزن وتصدر
قراراتها بشكل مباشر فأصبحت الإدارة الاستعمارية ترتكز في جميع مستوياتها على سلطة
حقيقية يمارسها الموظفون الفرنسيون وسلطة صورية يمثلها الموظفون المغاربة. ( وقد
عبر عن ذلك شاعر بربري بما ترجمته: إذا كان القائد هو الطاحونة والفرنسيون هم ماء
الساقية فالويل لنا نحن الحبوب ) من التراث الشعبي الشفوي.
ï هكذا استطاعت فرنسا بعد أن أجبرت المخزن على توقيع عقد
الحماية على أن تنزع السلطات الأساسية من يد الإدارة المغربية وأن تُقَيّدَ حرية
السلطان الذي ظل حكمه صوريا فقط فتحول نظام الحماية إلى نظام حكم مباشر يخدم مصالح
المعمرين بالدرجة الأولى مما أفقد المغرب لسيادته واستقلاله وأثر بشكل سلبي على
الاقتصاد والمجتمع المغربيين.
المقطع الثالث:المقاومة المسلحة للقبائل المغربية في مواجهة نظام الحماية
وتضحيات رجالاتها:
النشاط الأول: مرحلة المقاومة المسلحة:
أ)
قبائل الجنوب والصحراء:
تكتلت قبائل الجنوب والصحراء حول أحمد
الهيبة لتزعم الجهاد ضد المحتلين لكنها انهزمت في معركة سيدي بوعثمان يوم 7 شتنبر
1912 بسبب تخادل القواد الكبار للحركة الذين تظاهروا بمناصرته خوفا على مصالحهم
بعد وفاة أحمد الهيبة سنة 1919 خلفه على رأس
الحركة أخوه مربيه ربه الذي استمر في مقاومة الاحتلال إلى غاية 1934.
ب) قبائل الأطلس المتوسط: إن أهم مقاومة برزت بالأطلس المتوسط تلك التي قادها محا
احمو الزياني خاصة في وقعة الهري في نونبر 1914 التي انتهت بهزيمة الجيش الفرنسي
ولجوئه إلى سلاح الطيران ومع ذلك فقد صمد محا احمو أمام القوات الفرنسية إلى حدود
سنة 1920 حيث استشهد والسلاح بين يديه
ت) قبائل الأطلس الصغير والكبير: قاومت قبائل أيت عطا بقيادة عسو باسلام الاحتلال الفرنسي للأطلس
الكبير وألحقت عدة خسائر بالجيش الفرنسي خاصة في معركة بوكافر سنة 1933 فاضطرت
القوات الفرنسية إلى استدعاء قوات إضافية إلى المنطقة ضيقت من خلالها الخناق على
المقاومين فاستسلم باسلام سنة 1933 م
ث) قبائل الريف: تزعم
محمد بن عبد الكريم الخطابي حركة المقاومة في الشمال ضد الاحتلال الإسباني حيث حقق
انتصارا كبيرا عليها في معركة أنوال سنة 1921 م ( كان عدد القوات الإسبانية 60000
جندي القوات الريفية 3000 مقاوم الحصيلة 16000 قتيل في صفوف إسبانيا... )
النشاط الثاني: العوامل المفسرة لتوقف المقاومة المسلحة بالمغرب:
¯ تباين القوة بين المقاومة المغربية
والاحتلال من حيث الإمكانات العسكرية والبشرية
¯ الخيانة الداخلية لبعض قواد وشيوخ القبائل
ومن بينهم التهامي لكلاوي والقائد العيادي
¯ تحالف كل من فرنسا وإسبانيا في إخماد
المقاومة.
خاتمة:
والخلاصة أن فرنسا تمكنت
من فرض نظام الحماية على المغرب و أرست تنظيمات إدارية وسياسية بهدف وضع إطار قانوني لتدعيم وتسهيل استغلالها
الاقتصادي للبلاد.